استكان شاي
هل سمعتم عن ذلك المشروب داكن اللون الذي ارتبط به العراقيين تراثيا وهو جزء من حياتهم اليوميه اذا تعالوا احدثكم عنه وعن جلساته وعن طقوسه عند العراقيين.
انه الشاي ذلك المشروب الحاضر في كل المناسبات المفرحة والمحزنة، ومجالس السمر مع الأصدقاء، وعندما يأتي ضيف تسرع ربة البيت لوضع ابريق الشاي على النار لتحضيره و يعتبر نوع من اكرام الضيف، الشاي في العراق تراه في كل وقت لا يقتصر على الأعياد والمناسبات وفي كل مكان فتراه في الشارع يحتسيه المارة وتكون المقاهي عامره بشراب الشاي يتبادلون الاحاديث ويشربون الشاي، او في أماكن العمل و تراه في أي بيت عراقي فالعراقيون أدمنوا شرب الشاي، وكما ان هنالك مدمني قهوه ولا يبدأ نهارهم او يتعدل مزاجهم الا بفنجان قهوه فالعراقيين مدمني شاي و يبدأ نهارهم الا باستكان شاي فدائما ما ينادي العراقي اريد شاي يكعد راسي (أي يبعد عنه الخمول ويصبح في حالة من النشاط) او ينادي بعد كل وجبة طعام خدرو لنا شاي (أي اغلو لنا الشاي) او اين الشاي، وكأن الاكل لا يهضم الا باستكان شاي، ويشربوه في ساعات متأخرة على الرغم من انه يعتبر من المنبهات ولكن يشربوه ويذهبون للنوم!.
ولشدة حب العراقيين للشاي غنوا فيه الأغاني ومن اشهر الاغاني
خـدري الجـاي خـدري ... عيوني المـن اخـدره
أحـلـف ما أخـــدره ... ولا اكــعــد اكـــبــالـه
الا يجـي المحــبوب ... واتهــنه بجـــمــاله
اما الاستكان فهو قدح صغير يوضع في صحن صغير، ولهذا الاسم أصل قيل انه يعود للإنكليز حيث إن الجنود البريطانيين الذين كانوا في الهند أيام الاستعمار البريطاني لشبه القارة الهندية عندما كانوا يعودون الى بريطانيا للإجازة يأخذون معهم بيالة الشاي الهندية كهدايا (والبياله اسم قدح الشاي في الهند). لكن الإنكليز كانوا يتناولون الشاي بالكوب ولكي يميزوا بين البياله وكوب الشاي الإنكليزي التقليدي فكانوا يطلقون على القدح " East tea can " وهي تسمية من ثلاثة مقاطع تشرح أصل القدح، شرق: East، شاي: Tea، أناء: can، قدح الشاي الشرقي. وهكذا جاء الجنود الانكليز بهذه اللفظة معهم الى العراق، ولان كل ما يتعلق بالشاي كان من الامور الجديدة الدخيلة على الحياة الاجتماعية في ذلك الوقت، فقد أخذة لفظة إستكان مدغمة متصلة للسهولة.
يحضر الشاي بوضع الماء وأوراق الشاي الأسود في ابريق شاي يسمى في العراق "القوري" وتضاف اليه حبات الهيل، او يحضر بوضع ابريقين واحد فوق الاخر الأول فيه ماء والثاني فيه شاي، اما إذا أردناه ان يصبح شاي رئاسي كما يقول ابي فيخدر على الفحم، لأنه سوف يغلي على مهل، في العراق الكل يجيد اعداد الشاي وكأنهم تعلموه بالفطرة.
يشرب الشاي في العراق صيفا وشتاءً، فلا تمنع درجات الحرارة المرتفعة العراقيين صيفا من شرب الشاي، اما في الشتاء فتضيف المدفأة النفطية جمالا اخر، حيث يتحلق حول المدفأة اهل البيت، ويوجد بالقرب منهم وعاء فيه اكواب وعلبه صغيره يوضع فيها السكر تسمى الشكردان في اللهجة العامية، ويوضع على المدفأة ابريق الشاي يتصاعد منه البخار وتفوح منه رائحة الهيل. واكثر أيام يشرب فيها الشاي هي أيام العيد وقد يصاب بالتخمة من كثرة اكل الكليجه ( كعك العيد) وشرب الشاي.
جلسات الشاي التي احبها وافتقدها الان فهي، شاي امي في الصباح مع الإفطار وخاصتا يوم العطلة حيث جميع الاسرة مجموعين، وجلست الشاي في حديقة منزلنا عصرا التي كانت دائما اختي من تحظر ابريق الشاي اما انا فكنت اتهرب من تحظيره بالرغم من سهولته، افتقد صينية شاي خالتي التي دائما ما كان يميزها التيرموس (ابريق حافظ للحراة) صيفا وشتاءً، وعلى قولها يصبح الذ في التيرموس، بالرغم من اني كنت انزعج الا انني افتقد الان المرات الكثيرة التي كنت اجبر فيها على شرب استكان شاي اسود ثقيل جدا او كما يصطلح لدينا " نفط" لشدة سواده. بالرغم من احضار الشاي معي هنا لكني افتقد لمه الشاي التي حدثتكم عنها.
لقرائة التدوينه على موقع هاف بوست عربي اضغط هـنا

تعليقات
إرسال تعليق
اترك تعليق